من مذكرات نزار قباني \ والكلمات تعرف الغضب:
صفحة 1 من اصل 1
من مذكرات نزار قباني والكلمات تعرف الغضب:
من مذكرات نزار قباني \ والكلمات تعرف الغضب:
"لم اكن اعرف ان لياسر عرفات ابنة اسمها بلقيس .. الا في وقت متأخر ..
فليس في حياة القائد الفلسطيني ما يشير الى وجود ابنة له .. بل ليس في تاريخه ما يشير الى انه تزوج ذات يوم ...
صحيح انهم ينادون ياسر عرفات ( ابو عمار ) ولكن هذه التسمية ليست اكثر من كنية يكنون بها القائد الكبير، الذي لم يجد اجمل من الثورة الفلسطينية زوجة يعقد قرانه عليها ....
اذن فمن اين جاءت بلقيس ؟
وكيف تناديه( ياابي )........
ويناديها( ياابنتي)
وليس في ارشيف ياسر عرفات ، او في سيرته الذاتية او في سجلات الاحوال المدنية ما يثبت ان الرجل كان متزوجا ...
والذي يجعل القضية اكثر اثارة ... ويعطيها بعدها الدرامي ... ان بلقيس هذه .. هي زوجتي ..
فكيف لم اكتشف انني صاهرت ابا عمار وتزوجت ابنته .. وانجبت منها زينب وعمر .. الا يوم قتلت بلقيس في
15/12/1981 تحت انقاض السفارة العراقية في بيروت ..
في هذا اليوم بالذات .. ظهر ابو عمار فجأة في منطقة الخراب ..
كانت امطار الحزن تغطي وجهه .. وكانت عيناه تشتعلان كجمرتين .. وكان يصرخ بصوت متهدج :
< اين انت يا بلقيس < ؟
اين انت يا ابنتي ؟
*ردي على ابيك الوردة* .
< ياوردة الثورة الفلسطينية < وبقيت الوردة تحت الانقاض خمسة عشرة يوما .. وكان ابو عمار يذهب كل ليلة، لينكش بين الحجارة والحكام ونثارات العيون المحترقة والاهداب المحترقة .. عن ابنته التي زوجني اياها دون ان يدري .. وتزوجتها انا دون ان ادري ان ياسر عرفات كان اباها .....
خلال اربعين يوما كان ياسر عرفات يمد جناحيه الكبيرين علينا .. ويقعد ساعات الى جانب ام بلقيس .. يلاطفها، ويداريها، ويواسيها، ويكفكف دمعها ...
ولاانسى ابداً نورانية وجهه .. وحنان تعابيره .. وهويقدم لها لقمة الطعام باصابعه .. وكوب الماء بيده .. محاولا ان يبدد غمامة الحزن عن عينيها .. وينتزع الابتسامة من شفتيها بأي ثمن ...
في تلك اللحظات المضرجة بالدم والدمع .. المضروبة بالاعاصير والانواء ...
النازفة كجرح مفتوح
في تلك اللحظات عرفت الوجه الاخر لياسر عرفات
كلكم يعرف ياسر عرفات مناضلا .. وثائرا ... وقائدا تاريخيا للثورة الفلسطينية
ولكنكم لا تعرفون ياسر عرفات حين يتحول الى غمامة ماء ... وجدول حنان .. ومنارة رحمة ...
ياسر عرفات عندما يخلع كوفيته .. وعقاله .. وجزمته .. ويترك غرفة العمليات .. والتقارير .. والخرائط .. وسيارة ارانج روفر .. واخبار عصر الانحطاط العربي ... ليمارس طفولته كأنقى ما تكون الطفولة .. ويمارس ابوته كأعظم ما تكون الابوة ..
ماذا يربط بلقيس بأبي عمار ؟
بعيدا عن تعلق أي امرأة بشخصية البطل .. ورموز البطولة .. فأن ثنة سراَ كان يربط بين زوجتي ، والقائد الفلسطيني الكبير ....
سراَ لم يتضح الا بعدما تحولت بلقيس الى غمامة بنفسجية ... وكوم رماد ..
والحقيقة أن حماس ياسر عرفات لبلقيس، واصراره على تشييعها بكل المراسم التي يشيع بها ابطال الثورة الفلسطينية ككمال ناصر، وغسان كنفاني، وابي حسن سلامة، وكمال عدوان، وابي يوسف النجار .. تلقي اضواء على السر كبير.
اما جنازة بلقيس ، فقد حولها ياسر عرفات، الى مهرجان عزة وكرامة وعنفوان.. فمشت خلف نعشها كل رموز الثورة المسلحة من دروع، ومصفحات، وصواريخ ومضادات .. ومقاتلين .. كأنما قرأ ابو عمار افكار بلقيس، فأراد ان يطمئنها، أن الثورة الفلسطينية لاتزال قوية، وشابة، وواثقة من نفسها.
وعلى الطريق من الجامع الى مقبرة الشهداء، كان ابو عمار يشد على يدي بقوة .. وكانت بلقيس تختال بثوب عرسها الابيض... فقد كان من احلامها الكبرى أن تتزوج على هذه الطريقة.
والغريب ، أن بلقيس ، رغم عشرتنا الطويلة الجميلة التي استمرت اثني عشر عاما، ورغم انني كنت اعرف شؤونها الكبيرة والصغيرة، فقد بقيت محتفظة بسر واحد لم تعلنه هي، وانما اعلنه الموت ..
.... عندما رجعنا من الجنازة الى مكتب ابي عمار، بدأ القائد الفلسطيني يتكلم عن بلقيس الراوي ... وبدأ اللغز ينكشف.
قال :
في آذار 1968، وكنا خارجين من معركة( الكرامة)، جاءتني الى منطقة الاغوار في الاردن فتاة عراقية فارعة القامة، تجر وراءها ضفيرتين ذهبيتين ..
وطلبت مع زميلاتها في ثانوية الاعظمية للبنات في بغداد، تدريبهن على حمل السلاح، وقبولهن مقاتلات في صفوف الثورة الفلسطينية.
وبالفعل اعطينا الفتيات العراقيات، ومن بينهن بلقيس، بنادق، واخذناهن الى ساحة الرمي حيث تعلمن اطلاق الرصاص، واساليب القتال.
وكانت الفتيات سعيدات بملامسة السلاح، وكنا سعداء بأن تنضم الى الثورة الفلسطينية هذه الزهرات من ارض العراق.
... ودارت الايام _ يتابع ابو عمار كلامه _ وكتب لنا القدر ان نواصل نضالنا في لبنان، كما كتب لبلقيس أن تعمل في سفارة العراق في بيروت.
وذات يوم، كنت مدعوا للعشاء لدى احد الاصدقاء في بيروت، فاذا بالفتاة ذات القامة الفارعة، والضفيرتين الذهبتين .. التي جاءتني متطوعة الى الاغوار قبل عشر سنوات تدخل ... وتدخل معها ذكريات نصرنا الجميل في( الكرامة ) ... وتصافحني بحماسة رفيق السلاح ...
والتفت اليّ ابو عمار ، والدمعة عالقة بأهدابه ، وقال :
< هل تعرف يانزار أن الفتاة التي تزوجتها انت، فيما بعد، هي رفيقة السلاح التي جاءتنا الى الاغوار في اذار 1968، واكلنا معها خبزاً .. وزيتوناَ .. وبيضا مسلوقاً ؟
< لذلك يا اخي يانزار، نحن نشيعها كمناضلة فلسطينية .. وندفنها الى جا نب الشهداء الفلسطينين، ونلفها بالعلمين العراقي والفلسطيني، تكريما للارض التي اطلعتها، وللثورة التي نذرت نفسها لها ...
< ان بلقيس الراوي لم تكن زوجتك، بقدر ماكانت ابنة الثورة الفلسطينية ...
هكذا تكلم ابو عمار .. وفي اليوم الثاني ، ذهبت الى مقبرة الشهداء لأزور حبيبتي فوجدت على رخامة قبرها الكتابة التالية :
[color=red][u]الشهيدة بلقيس الراوي
استشهدت في 15/12/1981
يا جبل ما يهزك ريح... يا جبل ما يهزك ريح."
"لم اكن اعرف ان لياسر عرفات ابنة اسمها بلقيس .. الا في وقت متأخر ..
فليس في حياة القائد الفلسطيني ما يشير الى وجود ابنة له .. بل ليس في تاريخه ما يشير الى انه تزوج ذات يوم ...
صحيح انهم ينادون ياسر عرفات ( ابو عمار ) ولكن هذه التسمية ليست اكثر من كنية يكنون بها القائد الكبير، الذي لم يجد اجمل من الثورة الفلسطينية زوجة يعقد قرانه عليها ....
اذن فمن اين جاءت بلقيس ؟
وكيف تناديه( ياابي )........
ويناديها( ياابنتي)
وليس في ارشيف ياسر عرفات ، او في سيرته الذاتية او في سجلات الاحوال المدنية ما يثبت ان الرجل كان متزوجا ...
والذي يجعل القضية اكثر اثارة ... ويعطيها بعدها الدرامي ... ان بلقيس هذه .. هي زوجتي ..
فكيف لم اكتشف انني صاهرت ابا عمار وتزوجت ابنته .. وانجبت منها زينب وعمر .. الا يوم قتلت بلقيس في
15/12/1981 تحت انقاض السفارة العراقية في بيروت ..
في هذا اليوم بالذات .. ظهر ابو عمار فجأة في منطقة الخراب ..
كانت امطار الحزن تغطي وجهه .. وكانت عيناه تشتعلان كجمرتين .. وكان يصرخ بصوت متهدج :
< اين انت يا بلقيس < ؟
اين انت يا ابنتي ؟
*ردي على ابيك الوردة* .
< ياوردة الثورة الفلسطينية < وبقيت الوردة تحت الانقاض خمسة عشرة يوما .. وكان ابو عمار يذهب كل ليلة، لينكش بين الحجارة والحكام ونثارات العيون المحترقة والاهداب المحترقة .. عن ابنته التي زوجني اياها دون ان يدري .. وتزوجتها انا دون ان ادري ان ياسر عرفات كان اباها .....
خلال اربعين يوما كان ياسر عرفات يمد جناحيه الكبيرين علينا .. ويقعد ساعات الى جانب ام بلقيس .. يلاطفها، ويداريها، ويواسيها، ويكفكف دمعها ...
ولاانسى ابداً نورانية وجهه .. وحنان تعابيره .. وهويقدم لها لقمة الطعام باصابعه .. وكوب الماء بيده .. محاولا ان يبدد غمامة الحزن عن عينيها .. وينتزع الابتسامة من شفتيها بأي ثمن ...
في تلك اللحظات المضرجة بالدم والدمع .. المضروبة بالاعاصير والانواء ...
النازفة كجرح مفتوح
في تلك اللحظات عرفت الوجه الاخر لياسر عرفات
كلكم يعرف ياسر عرفات مناضلا .. وثائرا ... وقائدا تاريخيا للثورة الفلسطينية
ولكنكم لا تعرفون ياسر عرفات حين يتحول الى غمامة ماء ... وجدول حنان .. ومنارة رحمة ...
ياسر عرفات عندما يخلع كوفيته .. وعقاله .. وجزمته .. ويترك غرفة العمليات .. والتقارير .. والخرائط .. وسيارة ارانج روفر .. واخبار عصر الانحطاط العربي ... ليمارس طفولته كأنقى ما تكون الطفولة .. ويمارس ابوته كأعظم ما تكون الابوة ..
ماذا يربط بلقيس بأبي عمار ؟
بعيدا عن تعلق أي امرأة بشخصية البطل .. ورموز البطولة .. فأن ثنة سراَ كان يربط بين زوجتي ، والقائد الفلسطيني الكبير ....
سراَ لم يتضح الا بعدما تحولت بلقيس الى غمامة بنفسجية ... وكوم رماد ..
والحقيقة أن حماس ياسر عرفات لبلقيس، واصراره على تشييعها بكل المراسم التي يشيع بها ابطال الثورة الفلسطينية ككمال ناصر، وغسان كنفاني، وابي حسن سلامة، وكمال عدوان، وابي يوسف النجار .. تلقي اضواء على السر كبير.
اما جنازة بلقيس ، فقد حولها ياسر عرفات، الى مهرجان عزة وكرامة وعنفوان.. فمشت خلف نعشها كل رموز الثورة المسلحة من دروع، ومصفحات، وصواريخ ومضادات .. ومقاتلين .. كأنما قرأ ابو عمار افكار بلقيس، فأراد ان يطمئنها، أن الثورة الفلسطينية لاتزال قوية، وشابة، وواثقة من نفسها.
وعلى الطريق من الجامع الى مقبرة الشهداء، كان ابو عمار يشد على يدي بقوة .. وكانت بلقيس تختال بثوب عرسها الابيض... فقد كان من احلامها الكبرى أن تتزوج على هذه الطريقة.
والغريب ، أن بلقيس ، رغم عشرتنا الطويلة الجميلة التي استمرت اثني عشر عاما، ورغم انني كنت اعرف شؤونها الكبيرة والصغيرة، فقد بقيت محتفظة بسر واحد لم تعلنه هي، وانما اعلنه الموت ..
.... عندما رجعنا من الجنازة الى مكتب ابي عمار، بدأ القائد الفلسطيني يتكلم عن بلقيس الراوي ... وبدأ اللغز ينكشف.
قال :
في آذار 1968، وكنا خارجين من معركة( الكرامة)، جاءتني الى منطقة الاغوار في الاردن فتاة عراقية فارعة القامة، تجر وراءها ضفيرتين ذهبيتين ..
وطلبت مع زميلاتها في ثانوية الاعظمية للبنات في بغداد، تدريبهن على حمل السلاح، وقبولهن مقاتلات في صفوف الثورة الفلسطينية.
وبالفعل اعطينا الفتيات العراقيات، ومن بينهن بلقيس، بنادق، واخذناهن الى ساحة الرمي حيث تعلمن اطلاق الرصاص، واساليب القتال.
وكانت الفتيات سعيدات بملامسة السلاح، وكنا سعداء بأن تنضم الى الثورة الفلسطينية هذه الزهرات من ارض العراق.
... ودارت الايام _ يتابع ابو عمار كلامه _ وكتب لنا القدر ان نواصل نضالنا في لبنان، كما كتب لبلقيس أن تعمل في سفارة العراق في بيروت.
وذات يوم، كنت مدعوا للعشاء لدى احد الاصدقاء في بيروت، فاذا بالفتاة ذات القامة الفارعة، والضفيرتين الذهبتين .. التي جاءتني متطوعة الى الاغوار قبل عشر سنوات تدخل ... وتدخل معها ذكريات نصرنا الجميل في( الكرامة ) ... وتصافحني بحماسة رفيق السلاح ...
والتفت اليّ ابو عمار ، والدمعة عالقة بأهدابه ، وقال :
< هل تعرف يانزار أن الفتاة التي تزوجتها انت، فيما بعد، هي رفيقة السلاح التي جاءتنا الى الاغوار في اذار 1968، واكلنا معها خبزاً .. وزيتوناَ .. وبيضا مسلوقاً ؟
< لذلك يا اخي يانزار، نحن نشيعها كمناضلة فلسطينية .. وندفنها الى جا نب الشهداء الفلسطينين، ونلفها بالعلمين العراقي والفلسطيني، تكريما للارض التي اطلعتها، وللثورة التي نذرت نفسها لها ...
< ان بلقيس الراوي لم تكن زوجتك، بقدر ماكانت ابنة الثورة الفلسطينية ...
هكذا تكلم ابو عمار .. وفي اليوم الثاني ، ذهبت الى مقبرة الشهداء لأزور حبيبتي فوجدت على رخامة قبرها الكتابة التالية :
[color=red][u]الشهيدة بلقيس الراوي
استشهدت في 15/12/1981
يا جبل ما يهزك ريح... يا جبل ما يهزك ريح."
ساره- عدد المساهمات : 1564
نقاط : 4970
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 35
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى